الأسهم

وارن بافيت: رحلة بناء إمبراطورية الاستثمار من سهم واحد

في عالم الاستثمار، يعتبر وارن بافيت أحد أبرز الأسماء التي تحظى باحترام كبير. بدأ مسيرته الاستثمارية في سن مبكرة للغاية، وهو اليوم يُعتبر من أعظم المستثمرين في العالم. من اللحظات الفارقة في حياة بافيت كان شراءه لأول سهم عندما كان عمره 11 عامًا فقط. تلك الخطوة البسيطة كانت الشرارة الأولى في مسيرته نحو بناء إمبراطوريته المالية “Berkshire Hathaway”.

البداية: شراء أول سهم

عندما كان بافيت في الحادية عشرة من عمره، قرر شراء أول سهم له في شركة “Cities Service Preferred”، وهي شركة كانت تعمل في مجال الغاز الطبيعي وتعرف اليوم باسم “Citgo”. في ذلك الوقت، كان سعر السهم 38 دولارًا. قد يبدو هذا القرار عادياً، ولكنه كان خطوة مهمة في تشكيل فلسفة بافيت الاستثمارية.

بعد شراء السهم، شهد بافيت انخفاضًا في السعر إلى 27 دولارًا، وهو ما يعتبر تحديًا لأي مستثمر مبتدئ. إلا أن بافيت أظهر تحليًا بالصبر، حيث انتظر حتى ارتفع السعر مجددًا إلى 40 دولارًا قبل أن يبيع الأسهم، محققًا ربحًا قدره 6 دولارات فقط.

الدرس المستفاد: الصبر فضيلة المستثمر

رغم أن الربح الذي حققه بافيت كان متواضعًا، إلا أن التجربة علمته درسًا حيويًا. بعد فترة، ارتفع سعر سهم “Cities Service Preferred” إلى 200 دولار، مما جعل بافيت يدرك أهمية الصبر في الاستثمار وعدم الاستعجال في البيع. هذا الدرس أصبح حجر الزاوية في فلسفة بافيت، الذي يؤمن بأهمية الاستثمار طويل الأجل وعدم الانجرار وراء تقلبات السوق قصيرة الأمد.

فلسفة وارن بافيت في الاستثمار

تعلم وارن بافيت تحت إشراف بنجامين غراهام، الأب الروحي لاستثمار القيمة، في جامعة كولومبيا. من خلال هذا التعلم، رسخت لدى بافيت قناعة أن المستثمر العادي يجب أن يركز على الأهداف طويلة الأجل. ويؤكد بافيت باستمرار على أن الأسواق ستشهد ارتفاعًا على المدى الطويل، حتى لو كانت هناك اضطرابات على المدى القصير.

في مقابلة أجريت معه عام 2016، أكد بافيت قائلاً: “أعرف ما ستفعله الأسواق على مدى فترة طويلة من الزمن، سوف ترتفع… لكن فيما يتعلق بما سيحدث في يوم أو أسبوع أو شهر أو حتى عام، لم أشعر أبدًا أنني أعرف ذلك، ولم أشعر أبدًا أن ذلك مهم”. هذه النظرة الهادئة والمطمئنة تجاه الأسواق هي ما يميز بافيت كمستثمر.

السعي الدائم للاستثمار في أوقات التراجع

بافيت معروف بشرائه للأسهم عندما تنخفض أسعارها، معتبرًا ذلك فرصة ذهبية لزيادة حصصه في الشركات التي يؤمن بها. يقول بافيت: “لقد كنت أشتري الأسهم منذ أن كان عمري 11 عامًا. لذلك عندما تنخفض الأسهم، فهذه أخبار جيدة. تمامًا كما هي الحال عندما ينخفض سعر الهامبرغر أو كوكا كولا، فهذه أخبار جيدة”.

تعتبر هذه الاستراتيجية جزءًا من نهج بافيت العام الذي يقوم على شراء أصول ذات قيمة عالية عندما تكون متاحة بأسعار منخفضة، وهذا ما ساهم في نجاحه وبناء إمبراطوريته المالية.

إمبراطورية بيركشاير هاثاواي

تعتبر “Berkshire Hathaway” اليوم واحدة من أكبر الشركات في العالم من حيث القيمة السوقية، وتمتلك أكبر قدر من الأصول الأميركية من ممتلكات ومنشآت ومعدات مقارنة بأي شركة أخرى في البلاد. هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا الصبر والإصرار والتعلم من الدروس المبكرة، مثل تلك التي تعلمها بافيت من أول سهم اشتراه في حياته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى