أخبار أسواق المالالأسهم

ما الذي يدفع سوق الأسهم الأمريكية و الذهب إلى الارتفاع؟

تحليل شامل: لماذا تستمر الأسهم الأمريكية في الارتفاع؟

خلال العامين الماضيين، شهدت سوق الأسهم الأمريكية ارتفاعًا مستمرًا. ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 40% منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه في يناير 2021، ومعه سجل كل من مؤشر داو جونز ومؤشر ناسداك أرقامًا قياسية جديدة بشكل متكرر. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت قيمة الدولار بشكل كبير مقابل جميع العملات الرئيسية، فيما سجل سعر الذهب ارتفاعًا حادًا ليصل إلى مستوى قياسي غير مسبوق بلغ 2470 دولارًا للأونصة في وقت سابق من هذا الشهر.

حاول خبراء الاقتصاد والمعلقون تفسير هذه الاتجاهات. في حين يمكن تفسير ارتفاع أسعار الذهب بزيادة تصورات المخاطر الناتجة عن عدم اليقين السياسي والجيوسياسي، فإن هذا التفسير لا يفسر ازدهار سوق الأسهم.

يعتقد بعض المراقبين أن تفسير ارتفاع أسعار الأسهم والذهب يكمن في السياسة النقدية الأمريكية. فقد ارتفعت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة خلال العامين ونصف الماضيين، بما في ذلك أسعار الفائدة الطويلة الأجل. كان من المتوقع أن يؤدي هذا إلى خفض أسعار الأسهم والسلع الأساسية، إذ عادة ما تهبط أسواق الأسهم عندما ترتفع أسعار الفائدة، بشرط بقاء العوامل الأخرى دون تغيير.

والسبب هو أن ارتفاع أسعار الفائدة يقلل من القيمة المخفضة الحالية لأرباح الشركات المستقبلية، مما يدفع المستثمرين إلى التحول من الأسهم إلى السندات. كما أن سعر الذهب يميل أيضًا إلى الانخفاض عندما ترتفع أسعار الفائدة الحقيقية (المعدلة تبعًا للتضخم) والعكس صحيح.

كيف يمكن إذاً أن يزعم أحد أن السياسة النقدية الأمريكية تفسر الطفرة في أسعار الأسهم والذهب؟ الحجة هي أن المستثمرين في السوق يتوقعون بشكل طبيعي أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في تخفيف السياسة النقدية في وقت لاحق من هذا العام، مما قد يفسر نظريًا ارتفاع سوق الأسهم وأسعار الذهب.

ولكن كيف نفسر أداء الأسواق المالية مؤخرًا؟ هل كان راجعًا إلى إحكام السياسة النقدية الأمريكية خلال العامين الأخيرين أو إلى التوقعات الحالية بتخفيف السياسة النقدية في المستقبل؟

للإجابة عن هذا السؤال، يمكننا اللجوء إلى سوق الصرف الأجنبي. يكمن الدليل الأقوى ضد التفسير النقدي لارتفاع أسعار الأسهم والذهب في أن الدولار الأمريكي أصبح الآن أعلى بنحو 14% مقارنة بالمستوى الذي كان عليه قبل ثلاث سنوات.

لو كانت أسعار الفائدة الحقيقية منخفضة أو كان من المتوقع انخفاضها، فإن الدولار كان ليضعف خلال هذه الفترة.

تفسير آخر محتمل لارتفاع أسعار الذهب هو أن دولًا عديدة بدأت تنوع استثماراتها بعيدًا عن الدولار، وخاصة خصوم الولايات المتحدة المحتملين مثل الصين. ولكن لو كان هذا هو التفسير الصحيح، فإن الدولار كان ليضعف لا أن يبلغ أعلى مستوياته في 20 عامًا. يكمن تفسير آخر للزيادة المتزامنة في أسعار الأسهم والذهب والدولار في اقتصاد أمريكي قوي يغذي الطلب القوي على هذه الأصول.

من المؤكد أن النمو الاقتصادي الأمريكي تباطأ إلى 2.5% في 2023. ولكنه رغم ذلك لا يزال يتجاوز متوسط معدل النمو لهذا القرن البالغ نحو 2% منذ 2001. وقد ظل الطلب الاستهلاكي قويًا، مدعومًا بمشاريع القوانين الاقتصادية المميزة التي أقرتها إدارة بايدن – مثل قانون الرقائق الإلكترونية والعلوم، وقانون الاستثمار في البنية الأساسية والوظائف، وقانون خفض التضخم – التي ساعدت على تعزيز النمو في 2021 و2022.

كان نمو الناتج المحلي الإجمالي مرتفعًا بشكل استثنائي في 2021، واستمر النشاط الاقتصادي في مفاجأتنا بالإيجاب في 2022 و2023، على الرغم من التوقعات القاتمة بدورة انكماش مطولة. واستمر النمو حتى الآن في 2024. في كل مرة يتجاوز النمو التوقعات، يزداد الطلب على الأسهم الأمريكية والذهب والدولار. لكن يتبقى لنا أن نرى ما إذا كانت هذه الاتجاهات ستستمر بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى